متابعات – السودان الان – تشهد السودان تحذيرات متزايدة من احتمال انزلاق البلاد نحو حرب أهلية وإبادة جماعية، على غرار ما حدث في رواندا، وذلك بسبب تسليح المدنيين بشكل عشوائي وانتشار خطاب الكراهية والتطرف الذي تقوده جماعات متحالفة مع الجيش السوداني. وقد تعرض الجيش السوداني لاتهامات بتزويد المدنيين بالسلاح في قرى منطقة الجزيرة وسط البلاد، وتوجيههم للقتال ضد قوات “الدعم السريع” في معركة غير متكافئة، بينما يحاول الجيش من خلال واجهاته تبرير الأمر كأنه هجوم على المدنيين لأغراض سياسية، وفقًا لما أفاد به ناشطون. في الوقت نفسه، ارتكبت ميليشيات متحالفة مع الجيش مجازر ضد المدنيين بناءً على العرق والانتماء الجهوي، متهمين إياهم بالتعاون مع “الدعم السريع” في مناطق كانت تحت سيطرة الجيش، مثل شرق سنار، وفقًا لمراصد حقوقية.
ويرى بعض المراقبين أن الهجمات الجوية على مناطق مدنية معينة، بعد تصنيف سكانها كمؤيدين للدعم السريع، قد تؤدي إلى تأجيج الصراع الداخلي وتدفع البلاد نحو سيناريو شبيه بما حدث في رواندا.
بؤر جاذبة للتطرف
في هذا السياق، حذر عبدالله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، يوم الجمعة، من احتمال انزلاق السودان إلى وضع أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا. كما نبه إلى خطر تمزق البلاد إلى كيانات متعددة، ما قد يجعلها مركزًا للجماعات المتطرفة والإرهابية. كما حذر من نتائج تعدد القوات المسلحة، وظهور أمراء الحروب، وتجنيد المواطنين، وزيادة خطاب الكراهية والانقسامات العرقية والإقليمية.
وفي بيان صادر عن “تقدم”، طالب حمدوك المجتمع الدولي بالتدخل لإقامة مناطق آمنة في السودان، ونشر قوات دولية لحماية المدنيين من انتهاكات الحرب. كما دعا إلى بدء عملية إنسانية شاملة في دول الجوار وعبر خطوط المواجهة، دون أية مبررات أو عوائق، مع محاسبة من يعيقون تقديم المساعدات الإنسانية. كما طالب بفرض حظر جوي لحماية المدنيين من الهجمات الجوية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة. وأشار إلى أنه إذا استمرت الأوضاع على هذا المنوال، فإن العالم سيشهد أكبر أزمة لجوء لم تشهدها البشرية من قبل، وأن أوروبا يجب أن تستعد لاستقبال الملايين الذين سيصلون إليها عبر البحر الأبيض المتوسط.
انفلات كامل
من جانبه، حذر المحلل السياسي صلاح حسن جمعة من تفاقم الأوضاع في السودان وخروجها عن سيطرة الطرفين تمامًا إذا استمرت الحرب وتخلى الجيش عن مسؤوليته في القتال المباشر. وقال جمعة لـ”إرم نيوز” إن استمرار الجيش في ترك الأمور للمجموعات المتطرفة التي تقاتل إلى جانبه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع مع دخول حركات جهادية مرتبطة بالحركة الإسلامية وميليشيا كتائب البراء المتحالفة مع الجيش، مما قد يغرق البلاد في بحر من الدماء.
وأضاف جمعة أن جميع الدلائل تشير إلى احتمال تحول النزاع إلى حرب أهلية مشابهة للسيناريو الرواندي، مشيرًا إلى أن القوات الأمنية التابعة للجيش تحرض المواطنين في منطقة الجزيرة ضد مجموعات سكانية معينة، ما قد يدفعهم لاستهداف القبائل في غرب السودان التي عاشوا معها لقرون.
خطاب الكراهية
من جهة أخرى، لا يستبعد المحلل الأمني عادل بشير أن يؤدي استمرار انتشار خطاب الكراهية والتحريض على أساس عرقي وجهوي من قبل الجيش تجاه فئات اجتماعية معينة إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية. وأوضح بشير لـ”إرم نيوز” أن تصريحات الجنرالات السودانيين، التي تركز على استهداف المكونات الاجتماعية بدلاً من التصدي لقوات الدعم السريع كقوة عسكرية، قد تكون جزءًا من استراتيجية الجيش للتعامل مع النزاع. ولفت إلى استخدام مصطلح “عرب الشتات” من قبل قادة الجيش لوصف قوات الدعم السريع، مما يعكس محاولة تحفيز السودانيين للانضمام إلى صفوف الجيش لمقاتلة ما يعتبرهم “أجانب”.
وأخيرًا، أشار بشير إلى الوعي المتزايد لدى السودانيين بمناورات النظام السابق الذي يختبئ الآن وراء الجيش، مستذكرًا كيف عمل نظام البشير السابق على تحويل الصراع مع الحركة الشعبية إلى حرب دينية بين المسلمين وغير المسلمين، مما يزيد من تعقيد الوضع الراهن.