متابعات – السودان الان – تشهد مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر، انتشارًا غير مسبوق للمتسولين في الطرقات وأماكن التجمعات، خصوصًا بين الأطفال والنساء، في ظاهرة وصفتها السلطات بـ”الانفجار”.
ويعزو مختصون اجتماعيون هذه الظاهرة إلى الحرب المستمرة في البلاد منذ أبريل العام الماضي، والتي تسببت في آثار اجتماعية واقتصادية قاسية على السكان.
تفشت ظاهرة التسول بشكل متزايد مع توسع نطاق الحرب من الخرطوم إلى مناطق أخرى، مما أدى إلى تراجع اهتمام المؤسسات الرسمية المعنية وتوقف العديد منها عن العمل، مما عرقل وصول المساعدات الإنسانية للنازحين.
ووفقًا لموقع “دارفور24″، تنتشر عشرات الأطفال، الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم الثلاث سنوات، في تقاطعات الشوارع والأسواق والمحلات التجارية في بورتسودان، ويظهر عليهم علامات البؤس وهم يمارسون التسول. يقوم هؤلاء الأطفال بجولات متكررة خلال اليوم وحتى المساء، متوجهين إلى أماكن التجمعات مثل “الكافيهات” ووسائل النقل العامة والفنادق.
كما تم رصد بعض النساء الأمهات اللاتي يرافقن أطفالهن الرضع، بالإضافة إلى فتيات وكبار السن، وهم يمدون أيديهم في الطرقات في انتظار بعض المال أو الطعام.
تختبئ خلف كل متسول قصة تحكي معاناتهم، حيث يرتبط معظمها بالحرب التي فقدتهم كل شيء.
انفجار الظاهرة
تقول مها محمد الهاشمي، مدير إدارة المشردين بوزارة الرعاية الاجتماعية في ولاية البحر الأحمر، لموقع “دارفور24”: “إن الولاية تشهد انفجارًا في عدد المتسولين بصورة غير مسبوقة”.
وأشارت إلى أن عدد المتسولين قبل الحرب كان 220، منهم 120 طفلًا دون سن السادسة و100 فوق سن السادسة، بما في ذلك مراهقون وكبار سن، قائلة: “كنا نعرف أسرهم ونقاط تجمعاتهم والأماكن التي يمارسون فيها التسول”.
وأضافت أن “التسول قبل الحرب كان مرتبطًا بالتفكك الأسري، وانفصال الأبوين، وعنف الآباء، والفقر الذي يؤدي إلى التشرد الجزئي أو الكلي للأطفال والتسرب من المدارس”.
وأكدت الهاشمي أن وزارة الرعاية الاجتماعية لا تمتلك إحصائية دقيقة لعدد المتسولين الجدد، لكنها أشارت إلى أن معظمهم قدموا إلى بورتسودان كنازحين.
وتابعت أن “ظاهرة التسول الآن تفوق قدرة إدارة المشردين، التي تترأسها، وأن الوزارة لم تعد تقدم شيئًا لفائدة المتسولين، بينما كانت تدير سابقًا مركزًا للإيواء المؤقت للأطفال الذين يمارسون التسول بدعم من اليونيسيف، حيث يتم حصرهم وتقديم المأوى والطعام لهم، بالإضافة إلى حصص دراسية وإدماجهم في أسرهم”.
وأضافت: “لكن كل شيء توقف مع اندلاع الحرب، وتم إغلاق المركز لعدم وجود ميزانية للتشغيل”.
وتشير منظمة اليونيسيف في آخر تقرير لها إلى أن أكثر من 19 مليون طفل في السودان أصبحوا خارج نظام التعليم، وأن 10,443 مدرسة تحولت إلى دور إيواء أو ثكنات عسكرية.