رسائل سياسية وعسكرية من زيارة البرهان إلى تركيا
متابعات – السودان الآن – في سياق الحرب التي يشهدها السودان حالياً، تبدو الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى تركيا خطوة محسوبة ضمن الاستراتيجية العامة للقيادة السودانية، بعد زياراته إلى المملكة العربية السعودية ومصر. تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه الدولة لاستعادة حضورها الإقليمي والدولي، وتعزيز شرعية مؤسساتها أمام المجتمع الدولي، في مواجهة مجموعات مسلحة غير نظامية نشطة في بعض الولايات.
وتعد الزيارة إلى أنقرة أعلى مستوى من التواصل العلني بين السودان وتركيا منذ اندلاع الصراع، وتعكس رغبة مشتركة في تحويل العلاقة من إدارة أزمة إلى شراكة سياسية مؤسسية. فالجانب التركي حافظ على قنوات تواصل دائمة مع السودان منذ أبريل 2023، مع التركيز على الدعم الإنساني والإغاثي للمدنيين المتضررين، دون الانخراط العسكري المباشر أو الانحياز لأي طرف.
وتعكس الزيارة رسائل متعددة: خارجيًا، تؤكد قدرة السودان على تنويع تحالفاته الإقليمية، وعدم التقيّد بمواقف بعض القوى الدولية، وإقليميًا، تشير إلى أن الجيش قادر على إعادة ترتيب أوراقه وتحالفاته وفق المعركة القائمة. داخليًا، تعزز الزيارة صورة الدولة في وعي الرأي العام، وتبرز دور الجيش كمؤسسة شرعية تمثل السودان في الخارج، مقارنة بالمجموعات المسلحة غير النظامية المحصورة في شبكات غير رسمية.
ويشير المراقبون إلى أن الدبلوماسية، على الرغم من أهميتها، لا توقف القتال أو تعيد الاستقرار تلقائيًا، لكنها تمثل أداة أساسية في مواجهة الصراع متعدد الأوجه، حيث تحاول القيادة نقل جزء من المعركة من ساحات القتال إلى فضاءات السياسة، بما يضمن استعادة الدولة سيادتها وترميم موقعها في النظام الإقليمي والدولي
