متابعات – السودان الان – تتضارب المعلومات حول وجود انشقاقات كبيرة داخل حزب “المؤتمر الوطني” الإسلامي، الذي حكم السودان تحت قيادة عمر البشير لمدة ثلاثين عامًا حتى تم الإطاحة به في ثورة شعبية في أبريل 2019. ووفقًا لمصادر، ظهر خلاف علني بين مجموعتين من القيادات، الأولى تحت قيادة أحمد هارون وتعرف بـ “مجموعة السجناء السياسيين”، والأخرى بقيادة إبراهيم محمود وتعرف بـ “مجموعة تركيا”. ويعد هذا الانشقاق الأحدث في تاريخ الحزب، الذي شهد أول انقسام كبير خلال فترة حكمه عندما تنازع زعماء الحزب، ومن بينهم البشير وحسن الترابي، مما عرف بـ “المفاصلة”.
رغم الخلافات بين المجموعتين، تتفقان في دعم الجيش في حربه ضد “قوات الدعم السريع”. إلا أن العديد يرون أن الحزب يشكل عقبة أمام التفاوض لوقف الحرب، حيث يسعى لاستعادة السلطة عبر التحالف مع الجيش. وفي هذا السياق، شهد الحزب صراعات داخلية بعد عودة إبراهيم محمود من تركيا، حيث ظهرت خلافات بين القيادات السابقة للحزب.
وفي بيان صدر عن المكتب القيادي التابع لإبراهيم محمود، تم اتهام بعض القيادات، دون ذكر أسمائها، بالمشاركة في مؤامرة أدت إلى سقوط حكم الحزب في 2019، كما اتهموا بمحاولات تفكيك صفوف الحزب ودعواتهم لعقد اجتماع لـ “مجلس شورى الحزب”، وهو ما يعد خرقًا لقرارات الحزب الداخلية.
البيان أشار إلى رفض المكتب القيادي الاعتراف بأي قرارات تصدر عن الاجتماع المزمع لمجلس الشورى، ودعا الأعضاء إلى عدم الاستجابة للدعوات التي قد تؤدي إلى “شق صف الحزب”. ومن جهته، يضم فصيل إبراهيم محمود شخصيات بارزة مثل نافع علي نافع، الحاج آدم، بينما تترأس “مجموعة السجناء السياسيين” أحمد هارون، علي كرتي، وعمر البشير، الذين تم الإفراج عنهم بعد اندلاع الحرب في 2023.
وبينما دعت مجموعة “السجناء السياسيين” إلى عقد اجتماع لمجلس الشورى، أكدت مجموعة إبراهيم محمود أن الاجتماع الدوري لا يمكن عقده استثنائيًا في ظل الظروف الحالية بسبب الحرب. كما رفضت المجموعة فكرة عقد الاجتماع في الوقت الراهن، معتبرة أنه قد يؤدي إلى انقسام حاد بين الأعضاء.
وفيما يتعلق بالتآمر على الحزب، وجه البيان اتهامًا غير مباشر للمجموعة الأخرى بمحاولة زعزعة وحدة الحزب من خلال الإصرار على عقد اجتماع لمجلس الشورى في ظل الظروف الحالية. وفي هذا السياق، أعلن رئيس مجلس الشورى عثمان محمد يوسف كبر تأجيل الاجتماع بسبب الانقسام والخلافات بين الأعضاء، داعيًا إلى توحيد الصفوف لدعم الجيش.
وتشير التسريبات إلى أن مجلس الشورى عقد اجتماعه في سرية، حيث تم اختيار أحمد هارون رئيسًا للحزب، وهو ما اعتبره المكتب القيادي خرقًا للتراتبية الحزبية. الصحافي أشرف عبد العزيز عزا النزاع على رئاسة الحزب إلى التوترات التي بدأت في آخر أيام حكم البشير، عندما تم تعيين أحمد هارون نائبًا لرئيس الحزب، وأكد أن النزاع تفاقم بعد الإفراج عن هارون وقيادات أخرى عقب اندلاع الحرب.
في تفسيره للخلافات، اعتبر عبد العزيز أن تيار إبراهيم محمود يسعى للتخلص من الأعباء الثقيلة التي تواجه المجموعة المتهمة بارتكاب “جرائم جنائية”، لا سيما أن بعض قادتها، مثل البشير وهارون، مطلوبون لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بانقلاب 1989.