متابعات ـ السودان الان – شهد الوضع الميداني للجيش السوداني في شمال العاصمة تحولات كبيرة بعد تقدمه في منطقة السامراب بالخرطوم بحري، حيث قام بالالتفاف على مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، متجنبًا التقدم جنوبًا نحو ضاحية شمبات التي تتحصن فيها قوات الدعم السريع. هذا التقدم يأتي بعد فترة من الجمود دام نحو شهر ونصف، حيث تمكن الجيش المتمركز في الحلفايا من إحراز تقدم ميداني في الخرطوم بحري بالسيطرة على مواقع استراتيجية في السامراب، مما يضمن حماية ظهره من هجمات محتملة من قوات الدعم السريع في شرق النيل.
وفي الوقت ذاته، ورغم المعارك العنيفة في منطقة المقرن وسط الخرطوم، لم يحقق الجيش تقدمًا مماثلًا، ولكنه لا يزال صامدًا أمام مقاومة قوات الدعم السريع في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تعتمد على قناصيها.
الجيش السوداني أطلق عملية برية واسعة في 26 سبتمبر الماضي لاستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، التي كانت قد خضعت لسيطرة قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023. وقد سُبِقَت هذه العملية الجوية من خلال تنفيذ 1158 غارة جوية على مدار 9 أشهر، بمعدل 12.8 غارة يومياً، حيث تم تعزيز القدرات الجوية للجيش بعد حصوله على مقاتلات روسية وذخائر ومسيرات إيرانية.
في المقابل، قامت قوات الدعم السريع بقصف 157 موقعًا، استهدفت معظمها مناطق في شمال دارفور، بما في ذلك مدينة الفاشر، إلى جانب مواقع في الخرطوم وولاية سنار. واعتمدت قوات الدعم السريع بشكل رئيسي على الطائرات المسيرة في ضرباتها، بينما استخدم الجيش الطيران الحربي لفتح الطرق الحيوية لمقراته، ولا سيما في الخرطوم.
حاليًا، يستخدم الجيش السوداني طائرات مسيرة من طراز CH-3 بقدرة تحمل تصل إلى 12 ساعة، وسرعة قصوى تبلغ 256 كم/ساعة، ومداها يصل إلى 3 آلاف كيلومتر، مع حمولة تصل إلى 180 كيلوغرامًا من الصواريخ أرض-جو. في المقابل، تسعى قوات الدعم السريع إلى تطوير منظومة دفاع جوي متقدمة.
على الرغم من هذا السباق في التسلح، إلا أن العمليات العسكرية في الخرطوم شهدت تراجعًا ملحوظًا في الأسابيع الأخيرة، حيث قلَّت وتيرة المعارك بعد انطلاق العملية البرية في نهاية سبتمبر. ووفقًا لخبير عسكري، فإن هذا التراجع طبيعي في سياق حرب المدن، حيث يتحرك الجيش بحذر داخل مناطق العدو. ومع ذلك، يشير الخبير إلى خطورة استمرار حالة الجمود، حيث يتيح ذلك لقوات الدعم السريع إعادة ترتيب صفوفها.
تقرير ميداني بتاريخ 14 نوفمبر كشف عن وجود ضعف في التواجد العسكري لقوات الدعم السريع في بعض مناطق الخرطوم بحري، ما دفع القوات العسكرية السودانية إلى انتظار التعليمات من القيادة بشأن تحريك قواتها في مختلف المحاور.
تسعى قوات الجيش من خلال هذه العملية البرية إلى الربط بين القوات المتمركزة في الحلفايا شمال الخرطوم بحري وسلاح الإشارة في جنوب المدينة، وهو ما سيمكنها من الوصول إلى القيادة العامة بالخرطوم وفتح الطريق نحو وسط المدينة مع تقدم قوات المقرن.
الهدف النهائي للعملية هو فك الحصار عن مقر القيادة العامة للجيش، وهو ما قد يمهد الطريق لتوسع الجيش نحو مناطق أخرى في العاصمة.