اخبار السودان

طائرة إماراتية ضخمة تهبط في بورتسودان.. ما القصة؟

متابعات - السودان الآن

طائرة إماراتية ضخمة تهبط في بورتسودان.. ما القصة؟ 

متابعات – السودان الآن – في تطور جديد على الساحة السياسية السودانية، أثار هبوط طائرة شحن إماراتية ضخمة في مطار بورتسودان، محمّلة بمساعدات طبية، تساؤلات واسعة حول طبيعة العلاقة بين الحكومة السودانية، ودولة الإمارات، وذلك قبل أيام قليلة من انعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، للنظر في الدعوى المقدمة ضد أبوظبي.

 

مقال يكشف أبعاد المشهد

القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، محمد ضياء الدين، سلط الضوء على هذه التطورات في مقال مثير حمل عنوان “المواجهة القانونية مع الإمارات وأصابع الاتهام”، وتناول فيه أبعاد الدعوى القضائية التي رفعتها حكومة بورتسودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بدعم قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين في إقليم دارفور.

 

ضياء الدين اعتبر أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا نوعيًا وتحولًا في أدوات المواجهة، حيث انتقلت الحكومة من الميدان العسكري إلى مساحات القانون والدبلوماسية الدولية، في محاولة للضغط على داعمي الطرف الآخر في الحرب التي تدخل عامها الثالث دون حسم.

 

دعوى محفوفة بالتعقيدات القانونية

 

ورغم رمزية التحرك القانوني، أشار المقال إلى أن الدعوى تواجه تحديات كبيرة، إذ أن قرارات محكمة العدل الدولية لا تحوز على أدوات تنفيذ فعالة، حيث تُحال الأحكام إلى مجلس الأمن الذي قد تعرقل قراراته مصالح الدول دائمة العضوية وحق النقض “الفيتو”.

 

إضافة إلى ذلك، تمر الدعوى بعدة مراحل معقدة، تبدأ بطلب التدابير المؤقتة، ثم النظر في اختصاص المحكمة، قبل مناقشة جوهر القضية، وهو ما يجعل المسار طويلًا جدًا وربما يمتد لسنوات، بما يكرّس الرهان السياسي والدبلوماسي أكثر من كونه مسعى لتحقيق العدالة الفعلية.

 

مساعدة إنسانية أم مناورة سياسية؟

 

ما أثار استغراب المتابعين، هو استقبال حكومة بورتسودان للطائرة الإماراتية المحمّلة بالمساعدات الطبية، رغم اتهامها لأبوظبي بدعم قوات ترتكب جرائم ضد المدنيين، ما ألقى بظلال من الشك على طبيعة الدعوى وأهدافها الحقيقية.

 

المقال أشار إلى أن هذا التناقض يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة: كيف يمكن لحكومة تتهم الإمارات بالمشاركة في جرائم حرب أن تستقبل منها مساعدات وتستمر بالتعاون الأمني والدبلوماسي والتجاري معها؟

 

ازدواجية في التعامل مع العدالة الدولية

 

ضياء الدين لم يغفل في مقاله الإشارة إلى تناقض موقف حكومة السودان من العدالة الدولية، فهي ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتتجاهل تنفيذ مذكرات اعتقال بحق مطلوبين لديها، بينما تلجأ إلى محكمة العدل الدولية في مواجهة خصومها السياسيين.

 

ويرى الكاتب أن هذا التناقض يضعف من مصداقية التوجه القانوني للحكومة، ويُظهره كتكتيك سياسي أكثر من كونه تعبيرًا عن التزام حقيقي بمبادئ العدالة الدولية.

 

قضية الإبادة الجماعية وبنود الاتفاقية

الدعوى التي رفعتها حكومة السودان تستند إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، في حين تستند الإمارات في دفاعها إلى تحفظات سابقة على بعض بنود هذه الاتفاقية، وهو ما يضيف مزيدًا من التعقيد القانوني والإجرائي على مسار التقاضي.

 

هدف الدعوى الحقيقي: شرعنة الحكومة أم وقف الحرب؟

 

وفقًا لضياء الدين، فإن المؤشرات المتاحة لا تدل على أن الهدف الحقيقي من الدعوى هو إنهاء الحرب، بل هو محاولة لتعزيز شرعية حكومة السودان دوليًا، واستخدام المحكمة كمنصة ضغط سياسية ضمن لعبة الصراع الإقليمي والدولي التي لم تتضح ملامح نهايتها بعد.

 

المساعدات في مرمى الشكوك

وضع الكاتب المساعدات الإماراتية الأخيرة ضمن سياق سياسي يتجاوز البعد الإنساني، معتبرًا أنها ربما تُستخدم كغطاء لتحركات أكثر تعقيدًا، خصوصًا مع استمرار تبادل الاتهامات بين الطرفين، في وقت تستمر فيه العلاقات على المستويات الدبلوماسية والأمنية والتجارية دون انقطاع.

 

دعوى ذات طابع سياسي لا قانوني

 

وفي ختام مقاله، رجّح ضياء الدين أن الدعوى ضد الإمارات لا تحمل طابعًا قانونيًا خالصًا، بل تُعد جزءًا من مناورة سياسية أوسع، تتشابك فيها الجغرافيا السياسية بالقانون الدولي، لتصبح ساحة جديدة من ساحات الصراع الإقليمي الذي يزداد تعقيدًا يوما بعد يوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى