متابعات – السودان الان – اندلعت المعارك في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل من العام الماضي، لتتحول الأخبار من الصراع السوداني إلى قضايا أخرى كغزة ولبنان والانتخابات الأمريكية، بالإضافة إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، مما جعل الوضع السوداني يتراجع في اهتمامات الإعلام الدولي.
السودان بلد غني بالموارد ويعرف شعبه بالطيبة والثقافة، إلا أنه مرتبط بالاضطرابات والصراعات المستمرة. بدأت أولى حروبه الأهلية في 1955 واستمرت حتى 1972، وتبعها حرب أهلية ثانية من 1983 حتى 2005. الصراع الحالي يعود لأسباب اقتصادية، وتدخلات خارجية، وسعي بعض الأطراف للسيطرة على السلطة قبل التوصل إلى حلول سياسية.
منذ الإطاحة بعمر البشير في 2019، شهد السودان محاولات متعددة للتنقل نحو انتقال سلمي عبر حكومات هجينة تجمع بين المدنيين والعسكريين. إلا أن الصراع الذي اندلع في أبريل الماضي قضى على هذه الفرص، رغم أن الشعب السوداني أظهر خلال ثورة 2018 روحاً سلمية وحضارية وقدرة على التغيير.
السودان، الذي يشبه سوريا قبل عهد حافظ الأسد من حيث كثرة الانقلابات العسكرية، شهد حكم البشير الذي استمر ثلاثة عقود مليئة بالصراعات والقمع، بالإضافة إلى التوترات مع دارفور التي أدت في النهاية إلى تقسيم البلاد وعقوبات دولية قاسية، مما زاد من تعقيد الوضع الأمني والاقتصادي.
منذ بداية الأزمة، سعت العديد من الأطراف، مثل المملكة العربية السعودية ومصر والاتحاد الأوروبي، إلى إيجاد حل عبر الدعوات لوقف إطلاق النار، لكن تعنت الأطراف المعنية حال دون التوصل إلى حل. وفي الوقت الذي كانت فيه الانتخابات الأمريكية تهيمن على النقاشات، ظل السودان موضوعاً هامشياً، إلا أن دعوة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، بن كاردن، هذا الأسبوع، لحث إدارة بايدن على اتخاذ “إجراءات جريئة” لحل الأزمة السودانية لفتت الأنظار مجدداً.
وفي خطوة لافتة، تقدمت بريطانيا وسيراليون بمشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار فوراً، وحث الأطراف على الانخراط في حوار للوصول إلى اتفاق شامل. يأتي هذا القرار في وقت تتزايد فيه التقارير حول المعاناة الإنسانية في السودان، مع ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 61 ألفاً، بينما يواجه نصف السكان البالغ عددهم 48 مليوناً خطر الجوع.
لكن المفاجأة كانت في استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار، مما لاقى ترحيباً من الحكومة السودانية التي اعتبرت القرار غير مكتمل لأنه لم يتضمن الحكومة الشرعية. هذه الخطوة قد تشير إلى تقارب أكبر بين روسيا والجيش السوداني، على حساب قوات الدعم السريع، وهو ما قد يظهر جلياً في المستقبل القريب.
جريدة عكاظ
عبدالرحمن الطريري