تحالف المتناقضات.. هل يمد الإسلاميون والشيوعيون الجسور في السودان؟
متابعات -السودان الآن
تحالف المتناقضات.. هل يمد الإسلاميون والشيوعيون الجسور في السودان؟
في خطوة غير متوقعة أعادت خلط الأوراق في المشهد السياسي السوداني، دعا عدد من الإسلاميين البارزين إلى فتح قنوات حوار مع الحزب الشيوعي السوداني، بل وطرح فكرة تحالف رسمي يقوم على دعم المؤسسة العسكرية وتجاوز الطائفية. هذه الدعوة، التي وُصفت بالمفاجئة، أثارت جدلاً واسعاً بين المراقبين، خاصة أن العلاقة بين الإسلاميين والشيوعيين لطالما اتسمت بالعداء التاريخي والتباينات الأيديولوجية الحادة
خلفية الدعوة
القيادية الإسلامية سناء حمد العوض نشرت مقالاً بعنوان «لأجل الوطن» أشادت فيه بتاريخ الحزب الشيوعي وريادته الفكرية والتنظيمية، واعتبرت أن استعادته مقره في أم درمان عبر مذكرة رسمية يمثل «خطوة حضارية» تعكس استعداد الأحزاب للعودة إلى العمل السياسي
سناء قارنت بين تجربة الحزب الشيوعي منذ تأسيسه عام 1946، ودوره الريادي في سن القوانين واللوائح الداخلية، وإبراز القيادات النسوية، وبين نشأة حركة الإخوان المسلمين التي جاءت بعده بأشهر. وأكدت أن الأخيرة استفادت من التجربة التنظيمية للشيوعيين، مستشهدة بانضمام شخصيات بارزة للحركة بعد أن كانت قيادات داخل الحزب، مثل الشيخ يس عمر الإمام
إشادة غير مسبوقة
في مقالها، وصفت سناء الحزب الشيوعي بأنه أول حزب أيديولوجي في السودان ابتعد عن الطائفية السياسية، وامتلك مكتباً عسكرياً وآخر للتأمين، كما كان سبّاقاً في تنظيم الندوات وإنتاج الأدب السياسي. وأكدت أن هذه التجربة لا يمكن تجاوزها عند الحديث عن مستقبل الحياة السياسية في البلاد
موقف الحزب الشيوعي
الحزب الشيوعي من جانبه تقدّم قبل يومين بمذكرة رسمية لمحلية أم درمان لاستعادة مقره، الذي استولت عليه وحدة نظامية. هذه الخطوة فُسّرت من البعض على أنها اعتراف ضمني بسلطة الأمر الواقع، في وقت ظل فيه الحزب رافضاً للتحالفات المدنية التقليدية منذ خروجه من قوى الحرية والتغيير عام 2020
الخطوة أثارت موجة من ردود الأفعال، خاصة من قيادات إسلامية، كان أبرزها المصباح أبوزيد طلحة، قائد فيلق البراء بن مالك، الذي رحّب بعودة الحزب إلى النشاط السياسي، واعتبرها مؤشراً إيجابياً على إحياء الحياة المدنية في السودان
السياق الأوسع
تأتي هذه التطورات في ظل حرب دامية وصفها الإسلاميون بأنها «غير مسبوقة في تاريخ السودان»، ما دفع بعض الأصوات إلى المطالبة بفتح صفحة جديدة بين القوى السياسية المختلفة، تقوم على
دعم الجيش كمؤسسة وطنية.
عدم الارتهان للخارج.
الاتفاق على استقلال القرار الوطني.
تجاوز الأيديولوجيا لصالح تحالف عقلاني وعملي
ردود الفعل والجدل
هذا الطرح فُسر لدى البعض بأنه مناورة سياسية تهدف إلى كسب الشرعية في ظل الانقسام الحاد، بينما رأى آخرون أنها محاولة ناضجة لإعادة ترتيب البيت السياسي الداخلي لمواجهة التحديات الراهنة
المفارقة أن الحزب الشيوعي، الذي اتُّهم سابقاً بالتشدد وعرقلة حكومة عبد الله حمدوك بعد انقلاب 2021، يجد نفسه اليوم في موقع تقارب مع الإسلاميين، الذين كانوا خصومه التقليديين لعقود
قراءة تاريخية
التاريخ السياسي السوداني مليء بالصراعات بين الإسلاميين والشيوعيين منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث تبادل الطرفان الاتهامات والإقصاء، بل وصل الخلاف في مراحل سابقة إلى مواجهات دموية. واليوم، يبدو أن الحرب الحالية دفعت الطرفين إلى مراجعة حساباتهما والبحث عن أرضية مشتركة لم تكن مطروحة من قبل
الخلاصة
التحالف المحتمل بين الإسلاميين والشيوعيين يفتح باباً واسعاً للتساؤلات:
هل هو تقارب تكتيكي فرضته ظروف الحرب أم بداية تحول استراتيجي حقيقي؟
هل يمكن تجاوز تراكمات الماضي الطويل من الصراع؟
أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد بالون اختبار سياسي؟
ما هو مؤكد أن هذه الدعوة كسرت واحدة من أكبر «التابوهات» في السياسة السودانية، وفتحت نقاشاً جديداً حول مستقبل التحالفات في بلد تتقاذفه الأزمات منذ سنوات













