قبل صافرة البداية… صقور الجديان يدخلون التحدي بثقة وهدوء
مباراة السودان والجزائر: قائمة صقور الجديان تثير التفاؤل… وأبياه يجهّز مفاجأة
متابعات – السودان الآن – حين يتحدّث السودانيون عن كرة القدم، يفعلون ذلك بوصفها ذاكرة جماعية لا تُنسى، ولهذا تبدو مشاركة المنتخب الوطني في نهائيات أمم إفريقيا 2025 بالمغرب أشبه بعودة إلى مسرح مألوف، ولكن بروح مختلفة ورغبة واضحة في تقديم صورة أكثر توازنًا ونضجًا.
ويخوض منتخب السودان البطولة وهو يستحضر تاريخًا إفريقيًا عريقًا، بوصفه أحد المؤسسين الأوائل للكرة في القارة، وصاحب إنجاز التتويج القاري عام 1970، إلى جانب عشر مشاركات سابقة صنعت مزيجًا من المحطات المضيئة والتجارب القاسية. إلا أن نسخة 2025 تأتي بطابع خاص، إذ لا تُقرأ كمشاركة عابرة، بل كمحاولة جادة لإعادة بناء العلاقة بين المنتخب وجماهيره، وبين الحاضر وإرثٍ لا يغيب عن الذاكرة.
وأوقعت القرعة السودان في المجموعة الخامسة إلى جانب الجزائر وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية، وهي مجموعة قوية على الورق، لكنها لا تُغلق أبواب المنافسة. فالتقارب النسبي في المستويات يجعل التفاصيل الصغيرة، والانضباط التكتيكي، وحسن إدارة اللحظات الحاسمة عوامل قادرة على ترجيح الكفة في أي مواجهة.
واعتمد المدرب الغاني كواسي أبياه على قائمة وُصفت بالمتوازنة، جمعت بين عناصر الخبرة والطموح، دون الانجراف خلف الأسماء اللامعة فقط. ففي حراسة المرمى، ضمّت القائمة منجد النيل، علي أبو عشرين، ومحمد النور، بما يوفر قدرًا معقولًا من الاستقرار. أما الخط الخلفي، فضم أسماء قادرة على التعامل مع الضغط والسرعات، في مقدمتها بخيت خميس، محمد أرنق، وأحمد طبنجة، في توجه يعكس رغبة واضحة في بناء منظومة دفاعية منضبطة.
وفي وسط الملعب، برز التنوع بين لاعبين يجيدون الافتكاك والتحكم في الإيقاع، وآخرين يملكون الرؤية وصناعة اللعب، من بينهم والي الدين خضر، عمار طيفور، وموسى كانتي، في محاولة لتحقيق التوازن بين الواجبات الدفاعية والانتقال السلس نحو الهجوم.
أما في الخط الأمامي، فيقود الهجوم محمد عبد الرحمن، إلى جانب ياسر مزمل والجزولي نوح، مع الاعتماد على خبرتهم في استغلال الفرص المحدودة، والقدرة على تغيير مجرى المباريات بلمسة واحدة.
وتحمل مواجهة الجزائر في الجولة الافتتاحية أهمية خاصة، إذ تُقام في الرباط وسط اهتمام جماهيري وإعلامي كبير. ورغم أن المنتخب الجزائري يدخل البطولة بتشكيلة مكتملة الأسماء، فإن التجارب القريبة بين المنتخبين تمنح السودان قدرًا من الثقة، بعد التفوق في بطولة المحليين بركلات الترجيح، والظهور الندّي في كأس العرب، حيث كان المنتخب السوداني قريبًا من تحقيق نتيجة إيجابية.
ويُدرك الجهاز الفني واللاعبون أن نتيجة المباراة الأولى ستكون مفتاحًا لمسار المجموعة، فالفوز يمنح دفعة معنوية كبيرة، والتعادل يُبقي الحسابات مفتوحة، فيما ستجعل الخسارة المواجهتين التاليتين أكثر تعقيدًا أمام غينيا الاستوائية وبوركينا فاسو.
وتعزّز مؤشرات التفاؤل أيضًا بالظهور التنافسي للمنتخب في تصفيات كأس العالم، حيث قدّم مستويات قوية أمام منتخبات مصنفة، وحقق نتائج لافتة، إلى جانب النجاحات التي حققتها الأندية السودانية في المنافسات الإفريقية خلال السنوات الأخيرة أمام أندية جزائرية، وهو ما يعكس تطورًا تدريجيًا في الكرة السودانية.
ووسط هذا المشهد، يدخل “صقور الجديان” البطولة بهدوء وثقة، مدعومين بجمهور ينتظر فريقًا يقاتل داخل الملعب، ويقدّم أداءً يليق بالتاريخ، في مشاركة يأمل السودانيون أن تكون بداية جديدة، لا مجرد صفحة تُضاف إلى سجل المشاركات











