متابعات – السودان الان – في نهاية الشهر الماضي، تعاقدت سفارة السودان في واشنطن مع شركة “بالارد بارتنرز” للعمل على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الحكومة السودانية والإدارة الأمريكية. ومن ثم قامت الشركة بتفويض جزء من مهامها إلى شركة أخرى، هي “في إس جي جلوبال”، التي ستشارك في تنفيذ عقد بقيمة 50 ألف دولار شهريًا لمدة ستة أشهر. بموجب عقد قيمته 120 ألف دولار، تتعهد “في إس جي جلوبال” بتقديم استشارات دعماً لشركة “بالارد بارتنرز” في تعزيز صورة السودان لدى الحكومة الأمريكية، إضافة إلى إطلاع السودان على مستجدات التشريعات والسياسات الفيدرالية الأمريكية ذات الصلة.
هذه الخطوة أثارت نقاشًا واسعًا حول دوافع الحكومة السودانية لاستخدام هذه الشركات وأثرها المحتمل في تحسين صورتها والتخفيف من الضغوط عليها.
استخدام أمريكا لهذه الشركات
في هذا السياق، أشار الخبير الإعلامي د. خالد عبده دهب إلى أن استخدام مثل هذه الشركات يعد أمرًا شائعًا، حيث تعمل هذه الشركات على تشكيل تكتلات سياسية بين صانعي القرار في أمريكا، وهو أمر معروف في السياسة الأمريكية. وأوضح أنه قد لا يحقق هذا المسعى النجاح المطلوب، مشيرًا إلى أن الحكومة السابقة برئاسة الرئيس المخلوع عمر البشير قد استعانت بشركات مشابهة لرفع العقوبات عن السودان، لكن لم تحقق تلك الشركات النجاح في هذا الملف.
وأضاف دهب في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن هذه الشركات تعمل على بناء علاقات عامة مع السياسيين الأمريكيين، بهدف إقناعهم بتبني وجهة نظر الحكومة السودانية، مما قد يسهم في تحسين صورتها. وتوقع أن تتغير السياسة الأمريكية بعد تولي الرئيس دونالد ترامب فترة رئاسية ثانية في يناير 2025، مما قد يضعف التركيز على القضايا الخارجية، بما في ذلك القضية السودانية، حيث يتوقع أن تركز الإدارة المقبلة على القضايا الداخلية.
التأثير الإقليمي والفرص المحدودة
من جهته، استبعد دهب أن تحظى قضية السودان بالاهتمام نفسه الذي كان تحظى به خلال عهد الرئيس بايدن، مشيرًا إلى أن ترامب سيولي اهتمامًا أكبر بالقضايا الداخلية، لكنه أضاف أن هذا لا يعني تجاهل السياسة الخارجية تمامًا. وتوقع أن تركز الولايات المتحدة على المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيغاد” وجامعة الدول العربية، بدلاً من التدخل المباشر في قضايا السودان. وخلص إلى أن هذه الشركات لن تستطيع تغيير المواقف الأمريكية لصالح السودان، حيث أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تعتمد أساسًا على المصالح.
تأثير الشركات في السياسة الأمريكية
الناشط الحقوقي أيمن تابر، المقيم في واشنطن، أكد أن استعانة الحكومة السودانية بمثل هذه الشركات تشير إلى حاجتها للتواصل مع الحكومة الأمريكية القادمة أو للتأكيد على مواقف سياسية معينة. وأضاف أن هذه الشركات تعمل على تعزيز العلاقات مع بعض الشخصيات المؤثرة في الإدارة الأمريكية الحالية أو المقبلة، وأنها تسعى إلى تحسين التواصل بين الحكومة السودانية وصناع القرار في واشنطن.
وأشار تابر إلى أن هذه الشركات لا تملك القدرة على تغيير صورة الحكومة السودانية بشكل جذري، ولكن قد تساعد في إقامة اتصالات مع صناع القرار والإعلام، خاصة في قضايا مثل الدعم المالي والعسكري، وكذلك قضايا أخرى قد تكون محور اهتمام السفارة السودانية في واشنطن.
استراتيجيات وأهداف الشركات
وأوضح تابر أن هذه المراكز الإعلامية تسعى لوضع استراتيجيات وخطط تتفق مع مجموعات شعبية أو جماعات معارضة، كما حدث مع المعارضة الإثيوبية في واشنطن التي استعانت بشركات مماثلة لإيصال رسائلها. وأضاف أن هذه الشركات تسعى للتواصل مع صانعي القرار والإعلاميين في واشنطن لتنظيم فعاليات تستهدف قضايا معينة، وربما توجيه رسائل من خلال الجاليات الموجودة في الولايات المتحدة.
وتوقع تابر أن تسعى هذه الشركات إلى بناء نشاط دبلوماسي وإعلامي عبر تنظيم اجتماعات وورش عمل، مستهدفين شخصيات مؤثرة في السياسة الأمريكية، سواء كانت في الإدارة الحالية أو المقبلة.
تسويق الذات في ظل التغيرات السياسية الأمريكية
في هذا السياق، أشار تابر إلى أن هذه المراكز تعمل أيضًا على تسويق نفسها في ظل التغيرات المتوقعة في السياسة الأمريكية، وأنها تستهدف حكومات ومجموعات بحاجة إلى خدماتها للتواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وأضاف أن هذا النشاط يأتي في وقت تشهد فيه السياسة الخارجية الأمريكية تحولات قد تؤثر على حكومات عدة في العالم، بما في ذلك السودان.