
متابعات – السودان الآن – تفاقمت أزمة الملاريا الخبيثة في السودان بشكل غير مسبوق، حيث اجتاحت موجة المرض البلاد في وقت تعاني فيه المنظومة الصحية من انهيار شبه كامل بسبب الحرب الدائرة.
المستشفيات تفيض بالمرضى، والبعوض ينتشر بلا رادع، فيما يعيش السكان كابوسًا يوميًا في مواجهة الوباء والجوع والتشريد.
كارثة بيئية وصحية في أم درمان والخرطوم
تحولت مدن السودان الكبرى، وعلى رأسها أم درمان والخرطوم، إلى بؤرٍ موبوءة مع غياب أي عمليات رشٍّ أو مكافحة للبعوض. وأفادت التقارير بتسجيل 1450 إصابة بالملاريا الخبيثة خلال أيام معدودة، وسط مخاوف من تضاعف الأعداد في ظل استمرار تردي الوضع الصحي والبيئي.
يصف محمد عبد الرحمن، أحد سكان أم درمان، الوضع قائلًا:”لم يعد الليل وقتًا للراحة، بل لحرب مفتوحة مع البعوض. أطفالنا يحترقون بالحمى، والمستشفيات مكتظة، بينما تغيب السلطات المختصة تمامًا عن المشهد”.
الملاريا تكتسح السودان بلا كابح
تشير التقارير الميدانية إلى أن البيئة الحاضنة للوباء تتفاقم بسبب تكدس النفايات، والمستنقعات الراكدة، وانعدام عمليات المكافحة، مما جعل السودان في قبضة البعوض بلا أي مقاومة تُذكر. ووفق مصادر طبية، فإن المعدلات الرسمية لمكافحة النواقل لا تتجاوز 25% في أفضل الحالات، ما ساهم في انتشار المرض كالنار في الهشيم.
خبراء الصحة يحذرون: الوضع مرعب
تؤكد الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، اختصاصية الباطنية وأمراض الأوبئة، أن انتشار الملاريا أصبح كارثيًا، ولم يعد مقتصرًا على أم درمان وحدها، بل اجتاح معظم أقاليم السودان. وتوضح أن السبب الرئيسي هو التدهور البيئي الحاد، حيث تحولت الشوارع إلى مستنقعات موبوءة، وتكدست النفايات، بينما لم تُتخذ أي إجراءات فعلية لمكافحة البعوض.
وتضيف أن الملاريا الخبيثة باتت الأكثر انتشارًا وخطورة، حيث تؤثر على النخاع الشوكي والدماغ، وقد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات. كما أوضحت أن التكدس السكاني في مراكز الإيواء، وانعدام خدمات المياه والكهرباء، وفر بيئة خصبة لتكاثر البعوض وانتشار المرض.
إجراءات عاجلة لمكافحة الكارثة
للتخفيف من حدة الأزمة، شدد خبراء الصحة على ضرورة اتخاذ تدابير فورية، من بينها:
تنظيف الأحياء والشوارع من النفايات لمنع تكاثر البعوض.
ردم البرك الراكدة وسكب الزيت المستخدم على المياه المكشوفة للقضاء على يرقات البعوض.
تغطية أوعية تخزين المياه لمنع تحولها إلى حاضنات للبعوض.
استئناف حملات الرش والمكافحة فورًا، وإلا فإن القادم سيكون أكثر فتكًا.
السودان بلا مناعة.. والموت يترصد الجميع
بينما تتفاقم الأزمة، يبقى السؤال الأكبر بلا إجابة: “هل تُترك هذه البلاد فريسةً للوباء كما تُركت للحرب؟ أم أن معجزةً ما ستأتي قبل أن يُطفئ المرض ما تبقى من أضواء الحياة؟”