اقتصاد

نشتري المسيّرات التي تقتلنا.. ماذا وراء احتكار الذهب للإمارات؟

تابعنا على الواتساب لمزيد من الاخبار

                           

نشتري المسيّرات التي تقتلنا.. ماذا وراء احتكار الذهب للإمارات؟

عزمي عبد الرازق

الذهب السوداني الذي يتم تهريبه حاليًا عبر مطار نيالا، أو تقوم الدولة بتصديره رسميًا إلى الإمارات عبر مطار بورتسودان، جميعه يذهب إلى حكومة أبوظبي، وبعض ريعه يتحول إلى شراء المسيّرات التي تقتلنا، وتستهدف البنية التحتية والمرافق الحيوية السودانية. ربما تكون تلك معلومة صادمة، لكنها الحقيقة.

ما يُستشف من التصريح الآخير لوزير المعادن أبو نمو، ولا يستطيع أن يقوله صراحة، أن طبقة شرهة من المنتفعين من هذا المعدن السيادي نمت حول الدولة، وسيطرت على القرار، وتولت مهمة التصدير، بحجة أن الذهب ملك لأصحابه وليس للحكومة، ومن حقهم احتكار التصدير حتى لمن يناصبون الشعب السوداني العداء. وهي شبكة مُترامية المطامع، لديها حسابات في أبوظبي، ويعيش معظم ملاكها هناك، وهي بالضرورة عبارة عن كارتيلات نجحت في وضع السودان في هذا الموقف المهين.

 

تتذرع تلك الشبكة بسهولة التحويلات المصرفية بين السودان والإمارات، ووجود مصفاة معتمدة وقبول أبوظبي بأي كمية وأي نوعية، خام أو مهرب، وهي بقدر ما تبدو كامتيازات، لكنها في حقيقتها إغراءات مفخخة، وقد طوتها الحرب الموجهة ضد بلادنا. وهنا يصعب تجاهل ذلك السؤال بعد قطع العلاقات مع الإمارات وإمكانية تعطيل حساب بنك النيلين فرع أبوظبي، والتعقيدات التي خلقتها الظروف الجديدة، بما يعني انقلاب المعاملة من يسر الإجراءات إلى عسرها، إذ كيف ستكون الاجراءات المالية سهلة بعد إعلان الإمارات ” دولة عدوان”؟

محاولة السيطرة على احتياطي السودان من الذهب، وحشد المرتزقة من دول الجوار في هذه الحرب، وتجهيز بعض المطارات في دارفور للمواصلة في التهريب ودخول عبد العزيز الحلو على الخط، وعمليات السرقة المنظمة للبنوك والشركات العاملة في هذا المجال من قبل ميليشيا آل دقلو، إلى جانب وضع الدولة في موقف من لا يملك قراره، كلها تقريبًا عبارة عن دفعات مسددة مقابل المعدن النفيس.

المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، لديها رغبة في استيراد الذهب السوداني، بشروط عادلة، وقد وجهت منذ أعوام بنوكها بالتعامل الرسمي مع البنوك والمصارف السودانية واعتمادها لديهم، بل ثمة اتفاق بتصدير الذهب إليها بضمانات مريحة عبر الناقل الوطني. ومع ذلك، تدخلت جهة ما وأجهضت تلك العملية، وهي نفسها الجهة التي تريد احتكار هذا المعدن السيادي للإمارات، حتى وإن أحرقت مسيّراتها ومليشيتها كل السودان.

بالضرورة، فإن الذهب سلعة مطلوبة عالميًا، ولكثير من الدول رغبة في استيراده من السودان، بلا أجندة ضارة، وبعيدًا عن السماسرة واللصوص. وهنا لا بد للحكومة من قبضة حديدية توحد بها النوافذ وتطبع وتشتري هذا المعدن، وتبني احتياطيًا من الذهب تقوي به عملتها، وقبل كل ذلك تنظر للمصلحة العامة، حتى ينعكس الصادر على الأوضاع الاقتصادية عمومًا، عوضًا عن أن يذهب إلى مجموعة طفيلية لا تشبع ولا تغني ولا تقنع أبدًا، أو يصبح ذهبنا للمفارقة ضرره أكثر من نفعه، كحالنا الذي يغني عن السؤال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى