اخبار السودان

الخرطوم تُعاد رسمها بالجرافات المدينة تنظف ملامحها.. لكن بأي ثمن؟”73 ألف منزل تحت الإزالة

متابعات -السودان الآن

تابعنا على الواتساب لمزيد من الاخبار

                           

الخرطوم تُعاد رسمها بالجرافات المدينة تنظف ملامحها.. لكن بأي ثمن؟”73 ألف منزل تحت الإزالة

أكبر حملة إزالة عمرانية في تاريخ العاصمة تثير الجدل بين “التنظيم” و”التهجير”

متابعات -السودان الآن – بدأت سلطات ولاية الخرطوم تنفيذ أوسع حملة إزالة عمرانية تشهدها العاصمة السودانية منذ عقود، حيث وضع موظفو جهاز حماية الأراضي علامات تحذيرية حمراء على مئات المنازل في أحياء جنوب الخرطوم، من بينها مايو، الإنقاذ، الأزهري، وعد حسين، تمهيدًا لدخول الجرافات المدعومة بقوات أمنية لتنفيذ قرارات الإزالة خلال الأيام المقبلة.

تستهدف الحملة، بحسب مصادر رسمية، إزالة أكثر من 73 ألف موقع سكني وتجاري عشوائي شُيّدت خارج المخطط الهندسي للمدينة، في إطار خطة حكومية لإعادة تنظيم العاصمة بما يتماشى مع المعايير القانونية والتخطيطية.

خطة التنظيم أم مأساة النزوح؟

بينما تؤكد الحكومة أن الحملة تأتي “لإزالة التشوهات البصرية والعمرانية”، يرى السكان المتضررون أنها تهجير قسري في ثوب إداري.

أحد الأهالي من منطقة جنوب الحزام – فضّل عدم ذكر اسمه – قال نعيش حالة من القلق واللايقين.. هذه البيوت بُنيت قبل أكثر من 25 عامًا، وهي ليست مجرد طوب وطين، بل ذاكرة حياة كاملة”.

وأضاف أن كثيرًا من الأسر لجأت إلى أقاربها بعد أن تلقت أوامر الإخلاء، في غياب أي بدائل سكنية فورية.

73 ألف موقع.. و65% من الخطة نُفّذت

وفقًا لتقارير حكومية، بلغت نسبة التنفيذ 65% من إجمالي المواقع المستهدفة، مع التركيز الحالي على مناطق جنوب الحزام.

وتشير مصادر في الولاية إلى أن السلطات تخصّص 1100 قطعة أرض سكنية فقط كتعويضات للفئات المتضررة، وهو ما يغطي نسبة محدودة جدًا من النازحين من بيوتهم.

بيوت من الطين والذكريات

تتكون غالبية المنازل المستهدفة من مواد أولية بسيطة مثل الطين والقش والصفيح، وكان معظم سكانها من الفقراء والنازحين من مناطق الحرب، مما جعلها تشكّل “طوقًا بشريًا” حول العاصمة.

ويرى مراقبون أن إزالة هذه الأحياء دون بدائل واضحة قد تفاقم أزمة السكن وتعيد إنتاج مأساة النزوح داخل الخرطوم نفسها.

شرق النيل والخرطوم بحري في المشهد ذاته

سبق أن شهدت مناطق شرق النيل ومرسى شمبات والعزبة بالخرطوم بحري حملات إزالة مماثلة خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى تسوية مئات المنازل بالأرض وسط احتجاجات محدودة، فيما تؤكد السلطات أنها عازمة على تطهير العاصمة من البناء العشوائي والأكشاك المنتشرة على الطرق.

وقال أحد سكان حي الصحافة:

أبلغونا أن الخرطوم ستكون خالية تمامًا من الأكشاك التجارية في الشوارع خلال المرحلة المقبلة، ضمن خطة لإعادة تنظيم الأسواق والممرات العامة دون استثناء”.

بين القانون والوجدان

الحكومة تتحدث بلغة التخطيط، لكن الناس يتحدثون بلغة الذاكرة.

فالأسئلة تظل مفتوحة:

هل يمكن إعادة تنظيم الخرطوم دون أن تُهدم حيوات الناس معها؟

وهل التعويضات المقترحة كافية لاحتواء غضب آلاف الأسر؟

وهل تستطيع الجرافات محو الفقر كما تزيل الطوب؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى