خط على الرمال… قصة حدود رُسمت من خلف المكاتب
لماذا تبدو حدود مصر وليبيا مستقيمة بشكل لافت؟
متابعات – السودان الآن – عند التأمل في خريطة شمال إفريقيا، يبرز خط مستقيم طويل يفصل بين مصر وليبيا، يمتد عبر الصحراء بلا انحناءات أو معالم طبيعية واضحة، في مشهد يثير الفضول حول خلفياته التاريخية.
وتعود جذور هذا الشكل غير المألوف إلى الحقبة الاستعمارية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حين كانت مصر خاضعة للنفوذ البريطاني، بينما وقعت ليبيا تحت الاستعمار الإيطالي. وفي ظل غياب أنهار أو سلاسل جبلية يمكن اعتمادها كحدود طبيعية، إضافة إلى الطابع الصحراوي القاسي وقلة الكثافة السكانية، جرى ترسيم الحدود على الخرائط فقط.
واعتمدت القوى الاستعمارية آنذاك على خطوط الطول والعرض، في اتفاقيات سياسية لم تُراعِ الواقع الجغرافي أو الامتدادات القبلية، وهو ما تُوِّج بتوقيع الاتفاق البريطاني–الإيطالي عام 1925، الذي أقر حدًا فاصلًا مستقيمًا بطول يناهز 1100 كيلومتر وسط الصحراء.
ولا تُعد هذه الحالة استثناءً، إذ تنتشر الحدود المستقيمة في عدة مناطق حول العالم، خصوصًا في القارات التي خضعت للاستعمار، حيث فُرضت الخطوط السياسية قبل أن تتشكل الدول بحدودها الطبيعية والبشرية.
وتبقى هذه الحدود شاهدًا صامتًا على مرحلة تاريخية رسمت الجغرافيا بقرارات سياسية، ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم.
