كاريزما القيادة
د.صبري فخري محمد
للقائد صفات متعددة يصعب تناولها في هذا المقال المتواضع .. و في نظري من أبرز سمات القائد هو أن تكون شخصية القائد جسرا لتحقيق أهدافا عليا … لا أن يكون منتهى الغايات فيلجأ الناس لتقديسه و بموته تموت الفكرة … و لنا في رسول الله أسوة حسنة .. كان الصادق الأمين قبل الدعوة .. وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
.. مع كل هذا
لم يكن يختلف عن أصحابه في مظهر ولا شكل، حتى إن الأعرابي كان يأتي والنبي بين أصحابه فلا يعرفه فيقولُ: “أيُّكم محمد”؟! … لم يكن همه أن يقدسه الناس كهرقل و كسرى … بل أن يكون عبدا نبيا .. يخرج الناس من عبادة العباد لعبادة الله .. القائد الفذ هو من ينقل الناس إلى المباديء العليا .. و هل هنالك أسمى من رضا الله .. و في سبيل ذلك ترخص الأرواح .. و تبقى أهدافه و رسالته حتى بعد موته .. ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) أما القائد الذي يسعى بأن يكون هو الرسالة .. فتموت الرسالة معة كصاحب الرسالة الثانية .. لو كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه .. يسعى لتقديس نفسه لما رفع الله شأنه .. و رفعنا لك ذكرك … القائد الفذ ما هو الا جسر يعبر الشعب به و معه إلى المباديء السامية .. و يظل سعي الأمة بدون إنقطاع إلى تحقيق تلك القيم حتى بعد و فاة القائد … أما من يجعل نفسه محور الرسالة .. كل جهده بأن تنتهي عنده الفكرة .. يسعى للإطراء و التقديس … عندها تموت رسالته قبل أن يموت أو بعد موته .. النصر الحقيقي للقائد يتحقق عندما يفنى القائد في سبيل ما يؤمن به … و يكون حياته و مماته لله رب العالمين .. و هل هنالك اجل و أجمل من ذلك …. لذا دانت لهم الدنيا و كانت الفتوحات و الانتصارات .. خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و أتبعوا الشهوات .. فكانت الانسحابات .. و لينصرن الله من ينصره … إستطاع حميدتي أن يقنع اجناده بأنه يقاتل من أجل الحرية و الديمقراطية و إزالة التهميش … و هي مباديء سامية … فما هي المطالب السامية للطرف الآخر و التي تهزم مطالب حميدتي .. ما تقول لي إرجاع الكيزان … صراع المباديء لا شك أنها تهزم صراع المصالح … و الأحلام تظل أحلاما إن لم تسقى بالدماء الطاهرة و المباديء السامية ..
د.صبري فخري محمد استشاري جراحة عامة و مناظير
0913768608