متابعات -السودان الان – أعرب دبلوماسيون عن مخاوفهم من تراجع الزخم الدولي والإقليمي نحو إنهاء النزاع المستمر في السودان، الذي دخل شهره التاسع عشر. هذا التراجع يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراءه وما إذا كانت هناك فرص حقيقية لتحقيق السلام في المستقبل القريب.
في حديثهم مع “إرم نيوز”، أشار الدبلوماسيون إلى أن فشل 11 مبادرة دولية وإقليمية، بما في ذلك سبع مبادرات أفريقية وأربع دولية وعربية، قد ساهم في انتشار شعور عام باليأس. ومع ذلك، أكدوا أن هناك عوامل ضغط متعددة قد تدفع المجتمع الدولي لمواصلة جهوده في هذا الاتجاه.
رغم التحديات الحالية، تظل الآمال قائمة في إمكانية تحقيق تقدم نحو حل سلمي. يتطلع المجتمع الدولي إلى استعادة الزخم اللازم لدعم جهود السلام في السودان، حيث تبقى الأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد في حالة حرجة.
انضمت مبادرة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني لعقد اجتماع مباشر بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو في عنتبي يوم الثلاثاء الماضي، إلى عشر محاولات دولية وإقليمية سابقة لم تنجح في تحقيق حل ينهي الحرب التي أسفرت عن مقتل حوالي 100 ألف شخص وفقًا لتقديرات “انتلجينس ووتش”.
يأس وتراجع أولويات
يعترف وزير الخارجية السوداني السابق السفير إبراهيم طه أيوب بتراجع اهتمام الدول الإقليمية والدولية مؤخرًا، لكنه يحذر من أن هذا الركود قد يؤدي إلى عواقب كارثية أكثر. ويشدد أيوب على أهمية استمرار هذه الجهود بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية للسودان وخطورة الأزمة وزيادة الانتهاكات والمأساة الإنسانية.
يقول أيوب لموقع “إرم نيوز” إن تشدد المواقف من قبل القوى العسكرية وإصرارها على الاستمرار في الحرب حتى تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى الجمود في محاولات القوى السياسية والنقابية، هي من أبرز الأسباب التي أثرت بشكل كبير على قوة دفع الجهود الإقليمية والدولية.
وينبه أيوب إلى أن كثرة المنابر أثرت سلبًا على الجهود الدولية والإقليمية، مضيفًا: “نرى أن معظم الدول التي لديها مصلحة في بقاء السودان موحدًا لا تستطيع توحيد جهودها بشكل صحيح”.
أوضاع ضاغطة
يعتقد بعض الناس أن خطر الجوع الذي يواجه حوالي 25 مليون سوداني، بالإضافة إلى الزيادة المستمرة في أعداد النازحين واللاجئين الذين بلغ عددهم 14 مليونًا، وتدهور الأوضاع الصحية والإنسانية بشكل مريع، وزيادة احتمال تحول السودان إلى نقطة انطلاق للإرهاب عبر الحدود، جميعها عوامل ستلزم المجتمع الدولي على استخدام استراتيجيات جديدة للضغط على الأطراف المتحاربة.
وفقًا للسفير الصادق المقلي، الذي قضى فترات طويلة في بعثات الأمم المتحدة المعنية بحل النزاعات، فإن الجهود الدولية الحالية لا تتناسب مع حجم الكارثة التي يعاني منها السودان، وذلك نتيجة للظروف الدولية والإقليمية السائدة والتعقيدات الكبيرة المحيطة بالأزمة.
يوضح المقلي لـ “إرم نيوز” أنه “على الرغم من الجهود المتكررة التي بذلت خلال الأشهر الماضية ومحاولات إدخال المساعدات الإنسانية، فلا يوجد تدخل فعّال من المجتمعين الدولي والإقليمي، الذين يختلف حضورهم”.
تحمل الأطراف المتحاربة والنخب السودانية جزءًا كبيرًا من أسباب فشل حل الأزمة، حيث أشار المقلي إلى أن “الصراع على السلطة يسيطر بشكل واضح على أجندة هذه الأطراف – وخاصةً الداعمين للجيش – وليس هناك استجابة تذكر للمبادرات التي تهدف إلى إيجاد حلول للأزمة التي تفاقمت بشكل يصعب السيطرة عليه”.
ويقول المقلي: “تعيش الساحة السودانية حالة من الانقسام التي أدت إلى فشل النخب السودانية في دعم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي أو في تحديد مسار ثالث ينهي معاناة السودانيين المتزايدة”.
يرى محمد خليفة، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية في الجامعات السودانية، أن حالة اليأس الراهنة تعكس أيضًا ضعف الدور الإقليمي الذي يعتمد عليه المجتمع الدولي في دعم مبادراته وزيادة ضغوطه على الأطراف المتصارعة.