
بعد انسحاب الدعم السريع.. “مَن” يغلق الترع في الجزيرة؟
متابعات – السودان الآن – لم تترك قوات الدعم السريع، المعروفة محليًا بـ”الجنجويد”، شيئًا في ولاية الجزيرة عندما اجتاحتها. نهبٌ للمحاصيل الزراعية، دمارٌ للمزارع، حرقٌ للكباري، وتجريف لكل مقومات الحياة. وعندما عاد المزارعون بعد تحرير المنطقة، وجدوا الخراب قد تمدد في كل زاوية من أرضهم.
لكن، ورغم حجم المأساة، لم يتراجع المزارع السوداني، فارتباطه بالأرض أقوى من الدمار. فهو يدرك تمامًا أن حياته ورزقه مرتبطان بالزراعة، ليس فقط لإطعام أسرته، بل لأن أسواق الخرطوم والجزيرة تعتمد على إنتاجه اليومي.
بدأ المزارعون فعليًا في التحضير للموسم الزراعي باستخدام أدواتهم البسيطة، وزرعوا الخضروات في محاولة لكسر حلقة الجوع. غير أن الصدمة جاءت حين توقفت قنوات الري فجأة، وجفّت المياه التي كانوا يعولون عليها. مات الزرع في مهده، وامتدت الكارثة لتشمل العطش الشديد الذي ضرب الإنسان والحيوان على حد سواء، خاصة في مناطق غرب محلية المناقل ومحلية القرشي التي تعتمد على الترع والكنارات كمصدر رئيسي لمياه الشرب.
المأساة الصحية بدأت تتكشف سريعًا، حيث سُجّلت حالات متعددة من الإسهالات بسبب شح المياه النظيفة، مما ينذر بكارثة إنسانية وبيئية وشيكة.
وبينما غادرت قوات الجنجويد، بدا أن هناك “جنجويد آخرين”، على حد وصف الأهالي، يواصلون الحرب بطرق مختلفة: تدمير ممنهج، تضييق على سبل العيش، وقرارات لا تقل قسوة عن الرصاص. الفساد ما زال مترسخًا في مفاصل الولاية، واللا مبالاة الرسمية تزيد من عمق الأزمة.
السؤال الذي يفرض نفسه: من المسؤول عن إغلاق قنوات الري في هذا الظرف الحرج؟
الكرة الآن في ملعب إدارة الري بمشروع الجزيرة، وحكومة ولاية الجزيرة، ولجنتها الأمنية.
فالوضع لم يعد يحتمل الصمت، والولاية تحتاج إلى ثورة داخلية حقيقية تعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تتحول الكارثة إلى مجاعة وصراع جديد.