المنوعات والثقافة

كلنا أبناء كائن واحد… والبداية أبعد وأغرب مما تخيلنا

متابعات - السودان الآن

تابعنا على الواتساب لمزيد من الاخبار

                           

كلنا أبناء كائن واحد… والبداية أبعد وأغرب مما تخيلنا

متابعات – السودان الآن – في اكتشاف علمي يفتح آفاقاً جديدة لفهمنا للحياة على الأرض وربما خارجها، أظهرت دراسة حديثة أن “الجد المشترك العالمي الأخير” لجميع الكائنات الحية – المعروف علمياً باسم LUCA – يعود إلى نحو 4.2 مليار سنة، أي أبكر مما كان يُعتقد سابقاً بحوالي 400 مليون سنة. الدراسة التي قادها فريق دولي من العلماء ونُشرت في مجلة Nature Ecology & Evolution، أعادت النظر في أصول الحياة عبر تقنية دقيقة لتحليل الطفرات الوراثية ومقارنتها بين الأنواع الحية، مدعّمة ببيانات من حفريات قديمة.

 

ورغم أن LUCA ليس أول كائن حي ظهر على الأرض، إلا أنه يُعد السلف المشترك الذي انبثقت منه الفروع الثلاثة الرئيسية للحياة: البكتيريا، الأركيا، وحقيقيات النوى. ويعتقد الباحثون أن هذا الكائن القديم لم يكن بسيطاً كما كنا نظن، بل امتلك أنظمة بيولوجية معقدة، من ضمنها الجينات القائمة على الحمض النووي (DNA)، وآليات تصنيع البروتين (الرايبوسومات)، بالإضافة إلى القدرة على إنتاج الطاقة باستخدام جزيء ATP، وهو ما يزال أساساً في كل كائن حي حتى اليوم.

 

الأكثر إثارة أن LUCA ربما امتلك شكلاً بدائيًا من المناعة الذاتية، ما يدل على أن الفيروسات كانت موجودة في ذلك العصر المبكر، وأن الحياة منذ بدايتها كانت جزءاً من نظام بيئي تفاعلي.

 

ويُعتقد أن هذا الجد العتيق عاش في بيئات بحرية قاسية، مثل الفوهات الحرارية في أعماق المحيطات، حيث الحرارة المرتفعة والضغط العالي والمياه الغنية بالمعادن، وهي بيئات مثالية لنشوء الحياة وفق نظرية “الفوهات القاعدية البحرية”. ويشير العلماء إلى أن هذه الظروف لم تكن مجرد ملاذ للحياة المبكرة، بل كانت مسرحًا لأول “نظام بيئي” مكتمل، إذ اعتمدت بعض الميكروبات على فضلات LUCA كمصدر للغذاء، في نمط من التدوير البيولوجي يشبه ما نراه اليوم.

 

هذا الاكتشاف لا يعيد فقط رسم شجرة الحياة، بل يدعم أيضًا فرضية إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى تتشارك الظروف البيئية ذاتها مع الأرض. فكلما كانت الحياة على الأرض أقدم وأكثر تعقيدًا مما نتصور، زادت احتمالية أن تكون الحياة موجودة – وربما مزدهرة – في أماكن أخرى من الكون.

 

في ضوء هذه النتائج، يفتح العلماء الباب لتصور جديد عن الحياة بوصفها ظاهرة كونية محتملة، وليست حكرًا على كوكبنا وحده، مما يجعلنا نعيد النظر في أصولنا، وفي الكيفية التي نرتبط بها بكل أشكال الحياة من حولنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى