
السودان.. صراع داخلي في مرمى القوى الكبرى
تتعمق الأزمة السودانية يوماً بعد آخر، لتتجاوز حدود الخرطوم وتتحول إلى ملف إقليمي ودولي تتداخل فيه مصالح القوى الكبرى مع حسابات الفاعلين الإقليميين
ففي البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة ومصر والسعودية، وُصفت الحرب السودانية بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وهو توصيف يعكس حجم المأساة التي يعيشها ملايين المدنيين بين نزوح وجوع وانهيار شامل لمؤسسات الدولة
تأتي هذه الخطوة كإشارة إلى رغبة واشنطن في استعادة زمام المبادرة، لكن هذه المرة عبر شراكة مع قوى محورية في المنطقة مثل القاهرة والرياض، إدراكاً بأن استمرار الصراع يهدد الأمن الإقليمي من البحر الأحمر إلى القرن الإفريقي والساحل الإفريقي
على الجانب الآخر، تكشف الأوضاع عن عمق التدخلات الخارجية في تغذية الصراع. فبينما تدعم الإمارات قوات الدعم السـ.ريع سياسياً ومالياً، تبرز مصر كركيزة أساسية لدعم المؤسسة العسكرية السودانية، ما يضع البلاد في قلب تجاذبات إقليمية معقّدة
ويرى محللون أن الأزمة لا تتعلق فقط بمعاناة السودانيين المباشرة من جوع ونزوح، بل أيضاً بارتداداتها على قضايا أخرى مركزية في المنطقة مثل الحرب على غزة، ما يجعل إنهاء الصراع السوداني ضرورة إقليمية ودولية عاجلة
في المقابل، يصرّ خبراء سودانيون على أن سيادة البلاد خط أحمر، مؤكدين أن “السودان للسودانيين” وأن أي محاولات خارجية لفرض حلول أو دعم مليشيات مسلحة لن تُغيّر من إرادة الشعب في الدفاع عن وحدته واستقلاله
وبين تجاذبات الخارج ومعاناة الداخل، يظل السودان أمام اختبار تاريخي: إما أن ينجح في انتزاع قراره الوطني، أو يستمر رهينة لمصالح الآخرين