مقالات الرأي

د. صبري فخري يكتب.. التقديس.. و المقدس

متابعات _ السودان الان

التقديس.. و المقدس

د.صبري فخري

استمعت إلى تسجيل لعلي عثمان محمد طه قبحه الله يقول فيه بأن من خرج على النظام فقد خرج على البيعة مع الله … هكذا تدار الأمور عندما يتوارى المنطق و الحوار و المجادلة بالحسنى في إدارة شئون العباد و البلاد و التنظيم .. أقصر الطرق و التي يظن مروجوها بأنها الأجدى لسواقة القطيع هي صنع هالة من التقديس للفكرة أو الجماعة أو القيادة .. فيظن القطيع أن الهلاك و غضب الله سيكون مصيره إن فارق تلك الجماعة .. عندما بدأت معارضة نظام الإنقاذ و كنت في باديء الأمر مؤيدا لها رغم أني لم أكن عضوا في تنظيم الكيزان قال لى عبد الحكيم نقد و قد كنا سويا تجمعنا غرفة واحدة في ميز بحري و للأسف بلغ جهاز الأمن لإعتقالي رغم الملح و الملاح الذي بيننا .. كان يكرر قوله لي .. قد سبق عليك القول .. أي بأنني صرت في خانة الكافر لمفارقتي للانقاذ حيث التقديس و المقدس .. و ذلك استدلالا للآيه في قوم نوح (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول) .. إذا أردت أن تطاع فما عليك إلا أن تلبس لباس التقديس لما تقول ..و قد يكون باسم الدين أو الوطن .. أمام عيادتي قبالة مستشفى بحري ( يا حليله) ..كان الشرطي يعتدي بالضرب على المواطن و عندما يحاول المواطن الإمساك بالشرطي يصيح الأخير فك .. فك .. ما تمسك الزي العسكري .. أيستباح و يهدر دم المواطن و لا يحوز لمس الزي العسكري .. تأتي الأوامر للجندي أن يقتل أو يعذب و هو يعلم أن ما يفعله لا يقر به الشرع و لكن يعلل ذلك بأنه عبد المأمور ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).. كنت مع جماعة الدعوة و التبليغ .. تم إغتيال أمير الجماعة بليبيا بعد اختطافه و هو يؤدي مناسك الحج .. أكد لي أحد قيادات الجماعة هذا الخبر فقلت له .. الله يلعن القذافي .. فرد قائلا نحن لا نلعن الحكام .. عندها فارقت الجماعة .. و آثر بعضهم مقاطعتي رغم سنين العشرة التي جمعتنا .. إنه التقديس و المقدس … و هكذا تدار الجماعات المتصوفة و جماعة أنصار السنة التي تقدس الحكام الظلمة و تحرم الخروج عليهم و تريد للأمة أن تكون خانعة حتى يأتيها المهدي المنتظر ..( إنهم مرجئة العصر) .. و لم تكن الجماعات الدينية و حدها هي التي تصنع التقديس و المقدس حصريا .. بل إنداح صناعة التقديس عندنا حتى في مجال الطب .. فيحق للاختصاصي او الاستشاري أن يمرغ إنفك في التراب و ما عليك الا السمع و الطاعة .. و لن تستطيع بلوغ ما تريد الا على أكتافهم .. بل قالها شوقي المصري ما في زول بيصير جراح في البلد دي الا يمر تحت أباطي.. و لكن بعون الله و رغم أنفه و أنف معاونيه رفضت أن أكون ضمن من يمر من تحت أباطه .. و من توكل على الله فهو حسبه .. كان وباء التقديس و المقدس عظيما على الأمة .. لم تطيق الأجيال القادمة هذا السجن الكبير .. فما كان الهروب منه إلا بتكفير أولئك الذين يجعلون التقديس و المقدس في غير محله و يجعلونه الإله .. و العمل على الاستدلال بذلك بالآيات و الأحاديث … بينما لجأ الكثيرون للإلحاد .. بلاش وجع دماغ .. و الإعراض عن الدين جملة و تفصيلا.. لذا انتشر الإلحاد في فترة حكم الإنقاذ.. و لكن الدين الحق هو ما اختصره الصحابي ربعي بن عامر لملك الفرس ( جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد )

د.صبري فخري محمد

استشاري جراحة و مناظير

0913768608

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى