الحرب في السودان: الخسائر القائمة والمخاطر القادمة وإشكالية الحديث عن الفوائد
متابعات -السودان الآن

الحرب في السودان: الخسائر القائمة والمخاطر القادمة وإشكالية الحديث عن الفوائد
يشهد السودان واحدة من أقسى الحروب في تاريخه المعاصر، حيث تمتد آثارها إلى المجتمع والاقتصاد والدولة والمستقبل. وفي ظل هذه المعركة الطويلة، أصبح السؤال الأهم ليس فقط: متى تنتهي الحرب؟ بل: ماذا خسر السودان؟ وماذا يمكن أن يخسر؟ وهل تحدث الحروب فوائد يمكن البناء عليها؟
أولاً: ما الذي خسره الشعب السوداني حتى الآن؟

1. الخسائر البشرية
فقدان آلاف الأرواح من المدنيين والعسكريين.
إصابات وإعاقات دائمة لدى عدد كبير من المواطنين.
فقدان عائلات كاملة وأسر فقدت معيلها.
الخسارة هنا غير قابلة للتعويض مطلقًا.
2. النزوح والتهجير
أكثر من نصف سكان المدن الكبرى اضطروا للنزوح داخليًا.
ملايين عبروا الحدود للدول المجاورة بحثًا عن الأمن.
انقطاع التعليم لشرائح واسعة من الأطفال والشباب، مما يشكل خسارة مستقبلية للأجيال.
3. الانهيار الاقتصادي
توقف معظم الإنتاج الصناعي والزراعي في مناطق الحرب.
فقدان الدولة مواردها الرئيسية من الجمارك والضرائب.
ارتفاع الأسعار وانعدام السلع الأساسية وزيادة معدلات الفقر.
4. البنية التحتية
تدمير واسع للمساكن، المستشفيات، شبكات الكهرباء والمياه.
توقف خدمات الاتصالات والمواصلات في بعض المناطق.
صعوبة إعادة البناء مستقبلاً بسبب ارتفاع التكلفة.
5. النسيج الاجتماعي
ظهور خطاب الكراهية والانقسام الجهوي والقبلي.
تصدع الثقة بين مكونات المجتمع.
تراجع قيم التعايش التي كانت من أهم خصائص السودان.
ثانيًا: ما الذي يمكن أن يخسره السودان إذا استمرت الحرب؟
1. تهديد الدولة نفسها
إذا طال أمد الحرب دون تسوية:
تزداد احتمالات تفكك الدولة أو ظهور كيانات أمر واقع.
تتعزز سلطة السلاح على حساب سلطة القانون.
2. فقدان الأجيال المستقبلية
جيل كامل قد ينشأ بلا تعليم.
انتشار البطالة يؤدي لانجراف الشباب نحو:
الهجرة
اقتصاد السلاح
المخدرات الجريمة المنظمة
3. فقدان مقومات النهضة
صعوبة جذب أي استثمار خارجي لعقود.
هروب الكفاءات المهنية إلى الخارج.
انكماش قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية.
4. تعقّد المصالحة مستقبلاً
كل يوم في الحرب يولد جرحًا جديدًا وذاكرة جديدة من الألم، مما يجعل السلام أصعب وأكثر تكلفة.
ثالثًا: هل للحرب فوائد؟
الحروب لا تُعتبر نافعة في أصلها، لأنها مبنية على الهدم قبل البناء.
لكن في بعض الحالات التاريخية، يمكن أن تنتج عنها تغييرات سياسية أو اجتماعية، مثل:
توحيد الرأي العام حول فكرة وطنية.
إسقاط فئات فاسدة أو نفوذ خارجي.
إعادة تعريف الدولة أو بناء جيش أكثر تنظيمًا.
لكن يجب التأكيد على نقطة مهمة:
الفوائد المحتملة للحرب ليست هدفًا في ذاتها ولا تبرر الحرب، لأنها تأتي بعد سنوات من الخسائر، وتحتاج أضعافها من الجهد والزمن لإعادة الإعمار.
بمعنى آخر:
قد تظهر نتائج
لكنها ليست مكاسب بالمعنى الإيجابي.
خلاصة
الحرب في السودان خسرت فيها البلاد الكثير ممّا يصعب استعادته سريعًا.
وكل يوم جديد في الحرب يزيد:
الفقر
الهجرة
تآكل المجتمع
انهيار الدولة
أما الحديث عن الفوائد، فهو حديث نظري لا يتجاوز نطاق التحليل، لأن أي فائدة مفترضة لا تقارن بما فقده الشعب بالفعل.
والمكسب الأكبر الذي يمكن تحقيقه الآن ليس من الحرب، بل من إيقاف الحرب، والحوار حول كيفية إعادة بناء السودان على أساس مشترك يحترم كل مواطن.








